السيد مدير الربطة ومؤسسها
المساهمات : 36 تاريخ التسجيل : 22/03/2011 العمر : 73 الموقع : wwwalashraf.123.st
| موضوع: الرأي الشرعي بالأنساب الخميس أبريل 26, 2012 3:14 pm | |
|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد الهادي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين أما بعد :
من محاسن شريعة الإسلام المباركة، رعايتها للأنساب، وعنايتها بالحفاظ عليها، ومن مظاهر ذلك تشوفها إلى ثبوت النسب ودوامه، وتسهيلها في إثباته بأدنى الأسباب وأيسرها، وتشديدها في نفيه وإبطاله متى ثبت بأحد الطرق المشروعة، حيث لا تقبل الشريعة الإسلامية نفي النسب بعد ثبوته مهما كان الحامل عليه أو الداعي إليه
قال ابن قدامة: (فإن النسب يحتاط لإثباته ويثبت بأدنى دليل، ويلزم من ذلك التشديد في نفيه، وأنه لا ينتفي إلا بأقوى دليل) [المغني، ابن قدامة المقدسي، (5/769)].
يجب الاخذ برأي الشرع عندنا كمسلمين في اي قضية كانت كما يجب تغليب راي الشرع خاتصة في القضايا المصيرية والتي حددتها النصوص
فكيف يكون اثبات النسب برأي الشرع :
لا شك بالبينة : والمراد بها الشهادة، فإن النسب يثبت لمن يدعيه بناء على شهادة العدول بصحة ما ادعاه ، وقد أجمع العلماء على أن النسب يثبت لمدعيه بشهادة رجلين عدلين
واختلفوا في إثباته بغير ذلك: كشهادة رجل وامرأتين، أو شهادة أربعة نساء عدول، أو شهادة رجل ويمين المدعي، حيث قال بكل حالة من هذه الحالات طائفة من العلماء
غير أن مذهب جماهير أهل العلم، وهم المالكية والشافعية والحنابلة، أنه لا يقبل في إثبات النسب بالشهادة إلا شهادة رجلين عدلين
وتفصيل ذلك في المذاهب الأربعة كما يلي :
- أولاً: عند الحنفية :
اشترط الحنفية لقبول الشهادة بالتسامع [ أي الاستفاضة] أن يكون النسب مشهورا.
كذلك مما تناقله اهل النسب أن الشهادة بالشهرة في النسب وغيره تكون بطريقتين:
أ) الحقيقية : أن تشتهر وتسمع من قوم كثير لا يتصور تواطؤهم على الكذب، ولا تشترط في هذه العدالة، ولا لفظ الشهادة بل يشترط التواتر.
ب) الحكمية : أن يشهد عنده رجلان أو رجل وامرأتان عدول بلفظ الشهادة.فإذا لقي رجلين عدلين شهدا على نسبه وعرفا حاله وسعه أن يشهد.
ولو أن رجلا نزل بين ظهراني قوم وهم لا يعرفونه وقال: أنا فلان بن فلان، لا يسعهم أن يشهدوا على نسبه حتى يلقوا من أهل بلده رجلين عدلين فيشهدان عندهم على نسبه.
- ثانياً: عند المالكية :
الشهادة على السماع عند مالك وأصحابه جائزة في النسب المشهور المستفيض حصراً. لكن ابن القاسم يرى أنه لا يثبت بذلك نسب، إنما يستحق به المال، إلا أن يكون أمرا مشتهرا مثل شهرة: " نافع مولى ابن عمر ".
- ثالثاً : عند الشافعية :
اشترط الشافعية استفاضة الشهرة؛ لأن النسب أمر لا مدخل للرؤية فيه، وغاية الممكن رؤية الولادة على الفراش.
لكن النسب إلى الأجداد المتوفين والقبائل القديمة لا تتحقق فيه الرؤية، فدعت الحاجة إلى اعتماد الاستفاضة ، ولو من الأم قياسا على الأب.
وذكر النووي أن مما تجوز فيه الشهادة بالتسامع - وهو الاستفاضة - النسب، وقال: يجوز أن يشهد بالتسامع أن هذا الرجل ابن فلان، أو هذه المرأة - إذا عرفها بعينها - بنت فلان، أو أنهما من قبيلة كذا. ويثبت النسب من الأم بالتسامع أيضا على الأصح، وقيل: قطعا كالأب، ووجه المنع إمكان رؤية الولادة. وينبغي في صفة التسامع أن يسمع الشاهد المشهود بنسبه، فينسب إلى ذلك الرجل أو القبيلة، والناس ينسبونه إليه. والراجح أن المعتبر في الاستفاضة عند الشافعية أنه يشترط أن يسمعه من جمع كثير يقع العلم أو الظن القوي بخبرهم ويؤمن تواطؤهم على الكذب. قاله النووي والماوردي وهو المفهوم من كلام الشافعي.
رابعاً : عند الحنابلة : قال الحنابلة مثل الشافعية باشتراط عدد من الشهود أو الاستفاضة بالنسبة للنسب.
جاء في المغني : وما تظاهرت به الأخبار واستقرت معرفته في قلبه شهد به، وهو ما يعلمه بالاستفاضة، وأجمع أهل العلم على صحة الشهادة بها في النسب والولادة. وكلام أحمد والخرقي يقتضي ألا تتحقق الاستفاضة حتى تكثر به الأخبار ويسمعه من عدد كثير يحصل به العلم.
الإستفاظة في الأنساب :
فتوى الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء حول الإستفاظة في النسب أنها معتبرة شرعا بقوله ( ولا يخفى أن أهل العلم مجمعون على أن الاستفاضة في النسب معتبرة شرعا ولها حقها في القبول والثبوت والإثبات )
قال الحافظ السخاوي - رحمه الله - : " ثم إن مما يثبت بالاستفاضة النسب " .
وفي ( المغني لابن قدامة ) كتاب الشهادات مسألة الشهادة على النسب والولادة \ ج 10
; قال : ( وما تظاهرت به الأخبار ، واستقرت معرفته في قلبه ، شهد به ، كالشهادة على النسب والولادة ) هذا النوع الثاني من السماع ، وهو ما يعلمه بالاستفاضة . وأجمع أهل العلم على صحة الشهادة بها في النسب والولادة .
واختلف أهل العلم فيما تجوز الشهادة عليه بالاستفاضة ، غير النسب والولادة تسعة أشياء وهن : النكاح ، والملك المطلق ، والوقف ، ومصرفه ، والموت ، والعتق ، والولاء ، والولاية ، والعزل
وقال أبو حنيفة : لا تقبل إلا في النكاح ، والموت ، ولا تقبل في الملك المطلق ; لأنها شهادة بمال ، أشبه الدين .
وقال أصحابه : تقبل في الولاء ، مثل عكرمة مولى ابن عباس . ولنا ، أن هذه الأشياء تتعذر الشهادة عليها في الغالب بمشاهدتها ، أو مشاهدة أسبابها ، فجازت الشهادة عليها بالاستفاضة كالنسب .
وقيل لاحمد بن حنبل رحمه الله : تشهد أن فلانة امرأة فلان ، ولم تشهد النكاح ؟ فقال : نعم ، إذا كان مستفيضا ، فأشهد أقول : إن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خديجة وعائشة زوجاه ، وكل أحد يشهد بذلك من غير مشاهدة . فإن قيل : يمكنه العلم في هذه الأشياء بمشاهدة السبب . قلنا : وجود السبب لا يفيد العلم بكونه سببا يقينا ، فإنه يجوز أن يشتري ما ليس بملك البائع ، ويصطاد صيدا صاده غيره ، ثم انفلت منه ،
فكلام أحمد ، يقتضي أن لا يشهد بالاستفاضة حتى تكثر به الأخبار ، ويسمعه من عدد كثير يحصل به العلم ; لقول الخرقي : فيما تظاهرت به الأخبار ، واستقرت معرفته في القلب . يعني حصل العلم به . وذكر القاضي ، في " المجرد " أنه يكفي أن يسمع من اثنين عدلين ، ويسكن قلبه إلى خبرهما ; لأن الحقوق تثبت بقول اثنين .
وهذا قول المتأخرين من أصحاب الشافعي . والقول الأول هو الذي يقتضيه لفظ الاستفاضة ، فإنها مأخوذة من فيض الماء ; لكثرته ، ولأنه لو اكتفي فيه بقول اثنين ، لا يشترط فيه ما يشترط في الشهادة على الشهادة وإنما اكتفي بمجرد السماع .
البرهان الذي يقيمه من ادعى نسباً إلى رسول الله :
(( مسألة النسب تارة تكون من رجل يدعي نسبة ولدٍ إليه، وتارة تكون من ولدٍ يدعي النسبة إلى رجلٍ آخر ويقول: إنه والده، وقد يدعي ذلك في حال حياة الشخص، ويطالب بإثبات نسبه إلى ذلك الشخص، وتارة يدعي ذلك بعد موته، وقد تحصل الدعوى لشيءٍ عظيمٍ كريم كأن يدعي نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى الأنصار وغيرهم ممن لهم فضل ومكان، والأصل أن الناس مؤتمنون على أنسابهم إلا من ادعى الشرف، فإن من ادعى الشرف والانتساب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى من لهم الفضل كالأنصار ونحوهم ممن لهم حق في الإسلام فإنه لا تقبل منه الدعوى مجردة، لكن لو كان يعلم بشهادة العدول من قرابته الذين يأتمنهم في دينه، حيث قالوا له: نحن من آل البيت، أو عندنا ما يثبت أننا من آل البيت، فإن من حقه أن يبني على شهادة من يثق بهم. فلا يقبل من أحد أن يدعي النسب والشرف إلا أذا أثبت، والإثبات يكون بالشجرة -كما هو معلوم- التي يعرفها أهل الخبرة، ويكون بشهادة العدول أن فلاناً من آل فلان، ويكون آل فلان قد ثبت نسبتهم إلى آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون الإثبات بما يسميه العلماء: شهادة السماع، وشهادة السماع هي: أن يعرف بين الناس أن البيت الفلاني أو الفخذ الفلاني أو القبيلة الفلانية تنسب إلى كذا وكذا، فإذا اشتهر بين الناس أن هذا البيت من آل البيت فإنه يلحق ويحكم بثبوت نسبه بهذه الشهادة، وهذه التي يسميها العلماء: شهادة السماع، يعني يتسامع الناس في بيئة أو حي أو قبيلة أو جماعة بأن بني فلان من آل النبي صلى الله عليه وسلم، أو بني فلان من آل البيت، فيحكم بهذه الشهادة. وقد ذكر غير بعض العلماء رحمهم الله أن شهادة السماع حجة في النسب، وشهادة السماع هي أن يستفيض في البيئة أو المجتمع أو بين الناس الذي يعيش بينهم نسبة هذه الجماعة أو هذا الفرد إلى تلك الجماعة وحينئذٍ يحكم بهذا ويعمل به، كما هو معلوم في باب الشهادات )) .
الناس مؤتمنون على أنسابهم :
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : أُثر عن الإمام مالك رحمه الله قول : "الناسُ مُؤْتَمَنُونَ على أنسابهم" ، فهل هذا يعني عدم تكذيب من نَسَبَ نفسه إلى قبيلة معينة ؛ لأنه هو المَعْنِيُّ بذلك وحده ؟
فأجاب :
إذا اشتهر أن هذا الرجل ينتسب إلى القبيلة الفلانية : فلا حاجة إلى إقامة بيِّنة خاصة ؛ لأن الاشتهار في هذا يكفي ، فهو من الأمور التي يُشهَد عليها بالاستفاضة .
| |
|